ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ
ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﻰ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ
ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ
ﻗﺎﺋﻼ ﻟﻪ :
ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻟﻘﺪ
ﺍﺷﺘﺮﻳﺖ ﺩﺍﺭﺍ ﻭﺃﺭﺟﻮﺍ ﺃﻥ
ﺗﻜﺘﺐ ﻟﻲ ﻋﻘﺪ ﺷﺮﺍﺀﻫﺎ
ﺑﻴﺪﻙ ,
ﻭﻧﻈﺮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﻴﻦ
ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻗﺒﺔ ﻓﻮﺟﺪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻗﺪ ﺗﺮﺑﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺵ ﻗﻠﺒﻪ
ﻭﻣﻠﻜﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻗﻄﺎﺭﻩ ﺣﺘﻰ
ﺃﻧﺴﺘﻪ ﺫﻛﺮ ﺭﺑﻪ
ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻥ ﻳﺬﻛﺮﻩ
ﻭﻳﻌﻠﻤﻪ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺬﻯ
ﺃﺧﺬﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ
ﻓﻤﺎﺫﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ
ﻟﻴﻠﻘﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺩﺭﺳﺎ ﻓﻰ ﺫﻛﺮ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﻋﺪﻡ ﻧﺴﻴﺎﻥ ﻣﻮﻻﻩ ..
ﺃﻣﺴﻚ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺑﻘﻠﻤﻪ ﻭ
ﻗﺮﻃﺎﺳﻪ ﻓﻜﺘﺐ ﻗﺎﺋﻼ
ﻓﻘﺪ ﺃﺷﺘﺮﻯ ﻣﻴﺖ ﻣﻦ ﻣﻴﺖ
ﺩﺍﺭﺍ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﺍﻟﻤﺬﻧﺒﻴﻦ ﻭﺳﻜﺔ
ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﻟﻬﺎ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺣﺪﻭﺩ ,
ﺍﻟﺤﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺕ
ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﺮ
ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ
ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﻭﺇﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ .
ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻤﻊ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ
ﻣﻦ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﻜﻰ ﺑﻜﺎﺀ
ﻣﺮﺍ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺭﺍﺩ ﺑﺬﻟﻚ
ﺃﻥ ﻳﻜﺸﻒ ﺍﻟﺤﺠﺐ ﺍﻟﻜﺜﻴﻔﺔ
ﻋﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﺍﻟﻐﺎﻓﻞ ,
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻠﻺﻣﺎﻡ
ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺇﻧﻨﻰ ﻗﺪ
ﺗﺼﺪﻗﺖ ﺑﺪﺍﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ
ﻭ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ ﻭﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ !!
ﻓﺄﻧﺸﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻗﺎﺋﻼ :
ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﺒﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻗﺪ
ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺮﻙ
ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ
ﻻ ﺩﺍﺭ ﻟﻠﻤﺮﺀ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ
ﻳﺴﻜﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻞ
ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﺒﻨﻴﻬﺎ
ﻓﺈﻥ ﺑﻨﺎﻫﺎ ﺑﺨﻴﺮ ﻃﺎﺏ
ﻣﺴﻜﻨﻬﺎ ﻭﺇﻥ ﺑﻨﺎﻫﺎ ﺑﺸﺮ ,
ﺧﺎﺏ ﺑﺎﻧﻴﻬﺎ
ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﺍﻟﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ
ﻣﺴﻠﻄﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﺳﻘﺎﻫﺎ ﺑﻜﺄﺱ
ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺳﺎﻗﻴﻬﺎ
ﺃﻣﻮﺍﻟﻨﺎ ﻟﺬﻭﻱ ﺍﻟﻤﻴﺮﺍﺙ
ﻧﺠﻤﻌﻬﺎ ﻭﺩﻭﺭﻧﺎ ﻟﺨﺮﺍﺏ ﺍﻟﺪﻫﺮ
ﻧﺒﻨﻴﻬﺎ
ﻛﻢ ﻣﻦ ﻣﺪﺍﺋﻦ ﻓﻲ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﻗﺪ
ﺑﻠﻴﺖ ﺃﻣﺴﺖ ﺧﺮﺍﺑﺎ ﻭﺃﻓﻨﻰ
ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺃﻫﻠﻴﻬﺎ
ﻟﻜﻞ ﻧﻔﺲ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ
ﻭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻴﺔ ﺃﻣﺎﻝ ﺗﻘﻮﻳﻬﺎ
ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻳﺒﺴﻄﻬﺎ ﻭﺍﻟﺪﻫﺮ
ﻳﻘﻀﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﻨﺸﺮﻫﺎ
ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﻄﻮﻳﻬﺎ
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻜﺎﺭﻡ ﺃﺧﻼﻕ ﻣﻄﻬﺮﻩ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﺛﺎﻧﻴﻬﺎ
ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺛﺎﻟﺜﻬﺎ ﻭﺍﻟﺤﻠﻢ ﺭﺍﺑﻌﻬﺎ
ﻭﺍﻟﺠﻮﺩ ﺧﺎﻣﺴﻬﺎ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ
ﺳﺎﺩﻳﻬﺎ
ﻭﺍﻟﺒﺮ ﺳﺎﺑﻌﻬﺎ ﻭﺍﻟﺸﻜﺮ ﺛﺎﻣﻨﻬﺎ
ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﺗﺎﺳﻌﻬﺎ ﻭﺍﻟﻠﻴﻦ ﺑﺎﻗﻴﻬﺎ
ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﻰ ﻻ ﺃﺻﺎﺩﻗﻬﺎ
ﻭﻟﺴﺖ ﺃﺭﺷﺪ ﺇﻻ ﺣﻴﻦ ﺃﻋﺼﻴﻬﺎ
ﻻﺗﺮﻛﻨﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ
ﻓﺎﻟﻤﻮﺕ ﻻﺷﻚ ﻳﻔﻨﻴﻨﺎ ﻭﻳﻔﻨﻴﻬﺎ
ﺍﻋﻤﻞ ﻟﺪﺍﺭ ﻏﺪﺍ ﺭﺿﻮﺍﻥ
ﺧﺎﺩﻣﻬﺎ ﻭﺍﻟﺠﺎﺭ ﺃﺣﻤﺪ
ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻣﻨﺸﻴﻬﺎ
ﻗﺼﻮﺭﻫﺎ ﺫﻫﺐ ﻭﺍﻟﻤﺴﻚ
ﻃﻴﻨﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﺰﻋﻔﺮﺍﻥ ﺣﺸﻴﺶ
ﻧﺎﺑﺖ ﻓﻴﻬﺎ
ﺃﻧﻬﺎﺭﻫﺎ ﻟﺒﻦ ﻣﺤﺾ ﻣﻦ ﻋﺴﻞ
ﻭﺍﻟﺨﻤﺮ ﻳﺠﺮﻯ ﺭﺣﻴﻘﺎ ﻓﻰ
ﻣﺠﺎﺭﻳﻬﺎ
ﻭﺍﻟﻄﻴﺮ ﻳﺠﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻏﺼﺎﻥ
ﻋﺎﻛﻔﺔ ﺗﺴﺒﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻬﺮﺍ ﻓﻰ
ﻣﻐﺎﻧﻴﻬﺎ
ﻣﻦ ﻳﺸﺘﺮﻯ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻓﻲ
ﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ ﻳﻌﻤﺮﻫﺎ ﺑﺮﻛﻌﺔ
ﻓﻲ ﻇﻼﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻳﺤﻴﻬﺎ
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺪﺍﺭ
ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ ؟
ﻫﻞ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺳﻤﻌﻬﺎ ؟
ﺃﻡ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ